
- حيتملكتني الحيرة وانا اقرأ كتابات لمنسوبي المؤتمر الوطني وهم ينافحون عن نظامهم السابق ويقارنون بينه والأحزاب التي تظهر على الساحة اليوم بل ذهبوا إلى أكثر من ذلك وأكدوا أن السلطة القادمة ستكون من نصيبهم في حالة الانتخابات القادمة. وهذه المواقف التي تنتج عن انفعالات مؤقتة أوقعت الإسلاميين في خطأ استراتيجي عظيم وهو أنهم خلال الأربع سنوات التي تلت حكمهم لم يقوموا بمراجعة تجربتهم التي شأبها أخطاء فادحة أدت لترهل النظام واستحالة استمراره والإسلاميين يعرفون وجود الخير في البلاء فلماذا لم يقوموا بمراجعة تجربتهم رغم وجود كوادرهم المؤهلة فكريا وسياسيا والقادرة على تقييم وتقويم التجربة؟لماذا عادوا للمقارنة بين تجربتهم والأحزاب الحالية مع علمهم بانتفاء وجه المقارنة إذ كيف يستقيم أن يقارن الاسلاميون تجربتهم الممتدة لعقود وفق منهج فكري استقطب كوادر مهنية كبيرة بأفراد لا يرتقون لمستوى الجماعة ناهيك عن حزب سياسي؟ أو حزب طائفي استقطب عضويته وراثيا؟. واظن أن الإسلاميين ظلموا أنفسهم بهذه المقارنة فرجوعهم للحكم وإن كان بالانتخابات لن يكون في مصلحتهم لأن الدليل النفسي سيقودهم إلى ارتكاب أكثر من الأخطاء السابقة إ وإن كان الإسلاميين يحتكمون إلى كراهية الشعب للأحزاب الحالية فهذا لايعني أنهم يرضون بنقيضها فاجراء الشعب المقارنات بين العهد السابق والحالي ينبع من شدة يأسه وكراهيته للطعن في قيمه. قد يقول لي أحد الإسلاميين أن الشعب قد يختارهم بسبب التوجه الإسلامي وانا اقول ولماذا لا يكون الدستور الدائم للبلاد محتكما للقوانين الإسلامية كما هو الحال في اغلبها؟ولماذا لايكون هذا الدستور ملزما لكل حكومة بعيدا عن الوصف ب(اسلامي) لأننا اصلا مسلمين وتلقائيا يحكمنا الاسلام خاصة وأن نظرياته الاقتصادية والاجتماعية وغيرها تراها دول غير مسلمةبديلا للرأسمالية المتوحشةوهي صالحة لكل مكان وزمان؟
سيقال لي ولكن اليساريين يتربصون بالسلطة ولن يعجبهم التوجه الإسلامي وأقول إن الشعب تجاوز اليساريين الذين تجاوزهم الزمن ولم يبق من ارثهم غير اغانيهم السمجة التى عفا عليها الدهر وليس لهم برنامج غير الانتقاد ولا يجرؤون على تقديم أنفسهم للشعب.
لذا فأقول للاسلاميين أنه لم يحن الوقت بعد للعودة فبلادنا لا تحتاج لأحزاب في الوقت الحالي لأن الشخصية السودانية لم تتحرر بعد من القبلية المتحكمة في السياسة إضافة إلى أن الأحزاب تعمل لمصلحة افرادها وليس المواطنين وقد حدث هذا ايضا في عهد الإسلاميين وتم تدمير مؤسسات ومشاريع استراتيجية لمصلحة الحزب ودمر مشروع الجزيرة حتى يضمن الحزب تبعية المزارعين له وهذه أخطاء استراتيجية ستقود مجددا للثورة ضد الإسلاميين ما لم يقوموا بمراجعة تجربتهم والعمل على اقتراح نظام سياسي يشبه الحالة السودانية مع الوطنيين الآخرين وسيحفظ لهم الشعب هذا الجميل مثل جميل حفظ دماء الشعب.