من الطرف

رشا بركات تكتب…السير فوق الماء

من الطرف

واحدة من نظريات الاتصال التي درسناها تقول إن مشاهدة مناظر العنف في فيلم تمتص العنف الموجود لدى المتلقي بمعنى أن البطل الذي يواجه عنف الاشرار ويقضي على شرهم يفعل ذلك نيابة عن المشاهد المتفاعل مع الحدث فيكون البطل قد امتص شعلة العنف والغضب منهم. هذه النظرية تنطبق تماما على واقعنا السياسي اليوم حيث انفعل الجمهور كثيرا بالمشهد السياسي وانتظروا إنهاء السيد البرهان للمشهد بفعل ساخن يمتص التوتر والغضب من دواخلهم إزاء تدخل الاجانب والمراهقين السياسيين في توجيه بوصلة الدولة. ويتضح جليا أن كثرة العقد تفسد الحبكة الدرامية للقصة تماما كما الحال عندنا في المشهد السياسي حيث تصل الأحداث إلى الذروة ونتوقع حل الأزمة من السيد البرهان وهو الوحيد الذي بيده الحل لكن نفاجأ بهبوط ناعم للمشهد بعقدة أخرى. وعدم امتصاص الغضب من الجماهير يولد رغبة لديهم في الدخول الى المشهد وممارسة الفعل السياسي حتى يتخلصون من براكين الغضب إزاء من يروتهم أعداء. وبالفعل دخل إلى حلبة المشهد مكونات لم تتخيل دخولها لأنها كانت ترى أن القيادة تنوب عنهم في حسم المشاكل ولم يحدث ذلك فرأينا حركات مسلحة من البطانة ونهر النيل وغيرها إضافة للحركات المسلحة الموجودة فعلا ورأينا كيف خرجت الحركة الإسلامية للعلن متوعدة الاتفاق الاطاريء وغيرها من المكونات القادمةوخاصة بعد الورشة الأمنية التي خاطبها البرهان والتي ترمي لتفتيت جيشه بواسطة الرباعية الدولية فإلى أين يسير البرهان ؟هل بالفعل قبل بالاطاريء القديم مقابل أن يكون رئيسا فيها؟. المنطق يقول إن البرهان لن يقبل بمنصب رئيس مجردا من قوته وجيشه وهو بإمكانه أن يكون رئيسا بكل قوته لحكومة تكنوقراط يختارها هو او رئيسا دائما كما في حالة مصر. وهل يقبل البرهان بالعمل مع مجموعة أثبتت التجارب معها تغيير الالوان والأشكال حسب الحالة؟. إذا فالاحتمال الآخر هو الاتفاق على اتفاق سياسي واسع المكونات تمثل فيها قحت تمثيلا محدودا لأن الواقع أثبت أن قحت تتمسك بقشة في سبيل الحكم امتثالا  للضغوط الاجنبية التى نعلم أنها واقع حال لكن رأينا في كثير من المواقف رفض الجيش لها ومثال ذلك التدخل الاماراتي الاخير فالجيش يمتلك كرونا للعب ويعلم ان أي انفراد بالسلطة لقحت من شأنه فتح النار من المعارضة الواسعة للاطاريء ولا أظن أن الجيش سيسمح بهذه التفلتات.

اذن فالاحتمال الاخير هو تكتيك من البرهان لكسب الوقت لإخراج قحت من الملعب مستفيدا من كراهية الشعب لها والسير نحو انتخابات تحفظ الأمن الداخلي والإقليمي رغم إيماننا بأنه لم يحن الوقت بعد لتسليم رقابنا لحزب.

واظن أن اللقاءات الجماهيرية التي يقوم بها البرهان تحمل احتمالين لا ثالث لهما قياس للرأي العام حول العملية السياسية وتمسكه بالرئاسة والأخيرة وان كانت عبر انتخابات فنجاحه يعتمد على القرار النهائي للبرهان في الحل العادل للأزمة ومراعاة رغبة غالبية الشعب وليس النخب السياسية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى