
- ماذا تريد مصر من السودان؟. أذهلني تحليل غريب ناطق عن بعض حراس الديموقراطية المزعومة مفاده أن مصر لا تريد للاتفاق الاطاريء أن تقوم له قائمة خوفا على نظامها العسكري من (نفحات ) الديموقراطية التي ستهب عليه من الجنوب.! واظن أن طالب السنة الأولى في العلوم السياسية سيسخر من هذا القول لان معطيات الواقع ببساطة تدل على أنه لن توجد دولة ديموقراطية بعد تنفيذ الاتفاق الاطاريء بل سنجد أشلاء ممزقة من الأقاليم التي تضحى ملاذات آمنة لتفريخ الحركات المسلحة المعارضة لدول الجوار وليس الإخوان المسلمين فقط المهدد الأكبر لمصر لذا رأينا كل رؤساء هذه الدول يخفون للخرطوم سراعاللحيلولة دون انفراط الأمن في المنطقة. والسؤال البديهي الثاني هو هل كان يتوقع حماة الديموقراطية أن تكون مصر معارضة للتدخل الغربي في السودان خوفا على نظامها ؟. لقد جاء الرد صادما من الإدارة الأمريكية و هي تثمن دور مصر في حماية الانتقال الديموقراطي في السودان وهذا يعني أن المبادرة المصرية هي الخطة البديلة للاطاريء وبصناعة أمريكية خالصة.وهذا الأمر ليس وليد اليوم بل إن تنصيب مصر حارسا على كل المنطقة تم منذ سنوات طويلة فمصر تسئل اليوم عما يجري في فلسطين وانتخابات ليبيا أيضا وأمام من ؟ نعم هي الإدارة الأمريكية التي أرادت لنا الانتقال الديموقراطي وبإشراف ايادي مصر العسكرية !!. ولماذا ؟. لماذا تريد أمريكا لنا الفوضى والاقتتال وترتضي لجارتنا الشمالية نظاما عسكريا ودعمته لوجسيا؟. هل تريد لشعب مصر أن يرزح تحت الاستبداد؟.
لا لأن مصر عرفت ماذا تريد من امريكا ،اثبتت دورها ورهانها فنالت الدعم العسكري بنحو٥٠ ملياردولاربما يحفظ حدودها البرية والبحرية ويعزز قدراتهاالعسكرية إضافة لدورها في مكافحة الإرهاب بالمنطقةواهم من ذلك أنها دخلت في برامج تبادل مهني وأكاديمي حكومي مع امريكا ودخل حوالى٢٠ الف مصري فيهاحيث تستقبل أمريكا ٤٥٠ مصري سنويا واستطاعت حكومة السيسي الحصول على المساعدات الخاصة بالطاقة وترؤس مصر لدورات قضايا المناخ في المنطقة بينما طلبنا نحن من أمريكا نفسها تفكيك جيشنا ومساعدتنا في سن قوانين المثلية!!
ولابد أن نذكر هنا أن أمريكا لم تطالب مصر بانتخابات أو نظام ديموقراطي بل (تمنت)سير مصر في الإصلاحات القضائية (حسب ) الاستراتيجية الوطنية المصرية في حقوق الإنسان ولم تقل حسب الاستراتيجية الأمريكية أو الأمم المتحدة. وما ذكر يوضح بجلاء سياسة أمريكا في الكيل بمكيالين ونظرتها الاستراتيجية للأنظمة العسكرية المهمة في المنطقة. لذا فإن النظام المصري يعرف ما يريد من السودان ولن يسمح لنظام اسلامي يتقلد السلطة ويصادق اخوان مصر مرة أخرى ،ومصر لا تريد من استضافة الاطراف السودانية إلا ما يضمن دورها ك(شرطي)في حفظ النظام في المنطقة. ومصر ظلت تخلق الأزمات لدول الجوار وتسمح بتصدير السلع المصرية الفاسدة لتغرق الأسواق وينعدم الإنتاج ولا تقوم لهذه الدول قائمة حتى تستأثر هي بالدعم الخارجي
. هذه الحقيقة شئنا أم أبينا فمصر استفادت من الاتفاقيات الموقعة قديما بل البلدين ومارست في الوقت نفسه سياستها المفضلة (الاستهبال) مع المواطنين السودانيين في مصر،وهذ ا ليس ذنبها لأننا نحن من أراد ذلك.